الشروط المتعلقة بالجانب الشكلي للعمل الإجرائي

الشروط المتعلقة بالجانب الشكلي للعمل الإجرائي
(جزء من بحث لنا بعنوان العيوب الاجرائية كأحد أسباب الاستئناف ) عبد الفتاح الغوالبي
       عندما يتطلب المشرع شكلية معينة في العمل الإجرائي فإنه يهدف توافرها صحة العمل ذاته ولا يغني عن ذلك إثبات توافر الشكل في الواقع وإن أغفل لإثباته في العمل الإجرائي بمعني أن المشرع عندما يتطلب في إعلان صحيفة الدعوي أن تتم في يوم معين وخلال فترة معينة فإن إغفال إثبات تمام ذلك بأصل الصحيفة وصورتها يعني أن الشكل قد جاء معيباً ولا يغني عن ذلك أن يطلب صاحب المصلحة إحالة الدعوي للتحقيق ليثبت أن الإعلان قد تم بالفعل في اليوم المطلوب أو خلال المدة المقررة إذ أن الشكل مطلوب لصحة العمل ذاته ولا يغني عن ذلك إثبات توافره في الواقع كذلك الحال إذا تطلب المشرع توقيع المحضر علي أصل الصحيفة وصورتها عند الإعلان فإن إغفال ذلك يعني البطلان ولا يكفي إثبات أن المحضر قد قام بالإعلان وأن الخط الذي باشر به الإعلان هو خطه في الواقع . كذلك الحال إذا تطلب المشرع تسليم صورة من صحيفة الدعوي إلي الخصم ليعلم بماهية الإدعاء وأسانيده فإن عدم التسليم لا يجزئي في شأنه إحالة الدعوي إلي التحقيق لإثبات أن المدعي عليه علم بالفعل بتاريخ الجلسة وبأمر الإدعاء وأسانيده إذ أن الشكل مطلوب كشرط لصحة العمل الإجرائي لا شرط إثبات([1]).
       أي أن الشكلية الإجرائية مقررة للعمل ذاته ، فإذا تعيب العمل الإجرائي من الناحية الشكلية فلا يصح الإثبات كوسيلة لعلاج هذا العيب أو إزالته أو تصحيحه والشكلية في العمل الإجرائي قد تكون عنصراً  من عناصره وتكون طرفاً يجب أن تتم فيه .
الشكل كعنصر من عناصر العمل الإجرائي :
       المقصود هنا الوسيلة التي يتم بها العمل ، فالقانون قد يشترط كشكل للعمل أن يتم كتابة ومن ثم إذا لم تشترط الكتابة فإنه يمكن القيام بالعمل شفوياً([2]) . وتتطلب التشريعات المختلفة أن يتم العمل الإجرائي باللغة الرسمية للدولة وتطبيقاً لهذا تقضي المادة 19 من قانون السلطة القضائية بأن (لغة المحاكم هي اللغة العربية) وعلي المحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين . فالاستثناء يقتصر علي الأعمال الشفهية ولا يمتد إلي الأعمال التي تتم كتابة ومن ناحية أخرى فإن البعض ينطبق علي الخصوم والشهود فلا يسري بالنسبة للمحامي الذي يمثل الخصم فالمحكمة لا تسمع المحامي إلا باللغة العربية ، وإذا تطلب الأمر تقديم مستند مكتوب بلغة أجنبية كدليل في الدعوي فيجب أن ترفق به ترجمة عربية فإذا أغفلت المحكمة طلب ترجمة المستندات المقدمة إلي اللغة العربية كان حكمها الذي أقامته علي هذه المستندات مستوجباً نقضه([3]) .
       وأحياناً يتطلب القانون عند القيام بعمل إجرائي معين أداء رسم معين ، فهذا الرسم لا يعتبر شكلاً للعمل ، وعلي أنه من الناحية الفعلية قد يتخذ الرسم أهمية الشكل ، وذلك إذ1 قام الخصم بعمل إجرائي دون دفع الرسم الواجب ، فإن للموظف الذي يتم العمل أمامه أن يمتنع عن تسلم الورقة فإذا تم العمل دون أن يتنبه الموظف إلي المخالفة فإن القاضي ينبه الخصم إليها ويستبعد القضية من جدول الجلسة إلي حين سداد الرسم حسبما تقضي بذلك المادة 13 فقرة 2 من القانون رقم 90 لسنة 1944 الخاص بالرسوم القضائية ، لكنه علي أي حال إذا صدر الحكم دون أن ينتبه القاضي أيضاً إلي عدم سداد الرسم فإن الحكم يعتبر صحيحاً منتجاً لآثاره فلا يجوز – لأن الرسم ليس شكلاً – إبطال الحكم بسبب المخالفة المالية([4]).
الشكل كظرف يتم فيه العمل الإجرائي :
       الشكل هنا لا يمس العمل الإجرائي ذاته ولكنه يجب وجوده لكي ينتج العمل الإجرائي آثاره القانونية أي أن الشكل يقف خارج العمل الإجرائي . والظروف الشكلية للعمل الإجرائي إما أن تتصل بمكان العمل أو بزمانه .
       أما عن مكان العمل الإجرائي فقد نظم القانون بالنسبة لبعض الأعمال الإجرائية المكان الذي يجب أن يتم فيه ومن هذا مثلا ما قد ينص عليه القانون من تسليم صورة ورقة الإعلان في المكان الذي يتم فيه ومنها أيضاً المكان المراد معاينته وأما عن زمن العمل الإجرائي فالقانون يحدد زمن العمل الإجرائي علي صور مختلفة :
1- قد يحدده دون علاقة بأية واقعة سابقة أو لاحقة ومن هذا ما تنص عليه المادة (7) مرافعات من أنه لا يجوز إجراء أي إعلان أو تنفيذ في يوم عطلة رسمية أو – ولو كان اليوم ليس عطلة – قبل السابعة صباحاً ولا بعد الثامنة مساءاً فهنا تحديد الزمن جاء مجرداً ، فالعمل يمكن أن يتم في أي يوم ما دام ليس يوم عطلة رسمية كما يمكن أن يتم في أي ساعة مادامت من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساءاً .
2- وقد يحدد القانون زمن العمل بيوم معين أو بساعة ودقيقة معينة فهنا لا يكون التحديد مجرداً بل مرتبط بواقعة معينة من ذلك ما تنص عليه المادة (65) مرافعات من أن علي المدعي عند تقديم صحيفة دعاه أن يرفق بها جميع المستندات المؤيدة للدعوي .
3- وقد يحدده بوجوب القيام بالعمل في ترتيب معين بين أعمال وقائع الخصومة الأخرى فالأعمال الإجرائية يجب أن تتسلسل زمنياً ومنطقياً تسلسلاً يؤدي إلي وظيفة الخصومة وهذا الترتيب بين الأعمال الإجرائية تحدده في الغالب طبيعتها دون حاجة لتدخل المشرع فمثلا الدفع الموجه إلي طلب معين لا يمكن تقديمه إلا بعد إبداء هذا الطلب علي أن هناك بعض الأعمال الإجرائية التي يتصور أن تتم قبل أو بعد غيرها وهنا يتدخل المشرع ليضمن تحقيق الغاية من الخصومة من هذا مثلا ما تنص عليه المادة (108) مرافعات من ترتيب معين لإبداء الدفوع فإذا لم يتدخل المشرع لترتيب هذه الأعمال فيجب أن يراعي في ترتيبها تحقق الغاية من الخصومة علي أحسن وجه . والميعاد الإجرائي يختلف كلية عن ميعاد التقادم ذلك لأن الأول يتعلق بعمل إجرائي يتم وفقاً لسلطة إجرائية أي سلطة نشأت أثناء الخصومة أو بسببها . أما ميعاد التقادم فهو الذي يتعلق بالحق في الدعوي ولكل منها وظيفة مختلفة([5]) .
ويحدد المشرع المواعيد الإجرائية تحديداً جامداً وهو يراعي في هذا التحديد ما يراه مناسباً في الأحول العادية ، فإذا تبين أن الميعاد الذي حدده المشرع غير مناسب في خصومة معينة فلا أثر لهذا علي وجوب احترامه ، وليس للخصوم تعديل هذا الميعاد – ولو باتفاقهم – إلا إذا أعطي لهم القانون هذه السلطة . وإلي جانب المشرع قد يقوم القاضي بتحديد مواعيد إجرائية ، علي أنه ليس له هذه السلطة إلا إذا خولها له القانون صراحة من ذلك ما تنص عليه المادة 98 مرافعات من أنه " لا يجوز تأجيل الدعوي أكثر من مرة لسبب واحد يرجع لأحد الخصوم علي ألا تتجاوز فترة التأجيل ثلاثة أسابيع " فالقانون هنا خول للقاضي سلطة تأجيل الجلسات وتحديد مواعيدها وكذلك ما تنص عليه المادة 66 مرافعات والتي تخول للقاضي سلطة تقصير مواعيد الحضور .


[1] - د . عبد الحكيم فودة : المرجع السابق ، ص54 .
[2] - نقض مدني 23 مارس 1966 – مجموعة النقض 17 – 666- 092
[3] - نقض مدني 16 يونيو 1955 – مجموعة النقض 19- 1266 – 0171
[4] - نقض مدني 6 فبراير 1973 – مجموعة النقض 24 – 144 – 027
[5] - د . فتحي والي : المرجع السابق ، ص421 .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مباديء أحكام محكمة النقض في قسمة المال الشائع

الواجبات الخاصة لعضو هيئة التدريس وفقا لأحكام قانون تنظيم الجامعات المصري