الاشتراك في الجريمة وفقا لمباديء محكمة النقض المصرية


نعرض فيما يلي للمبادئ التي أرستها محكمة النقض فيما يتعلق بالاشتراك في الجريمة
                                                 عبد الفتاح الغوالبي
لا يشترط لتحقق الإشتراك بطريق المساعدة المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة 40 من قانون العقوبات أن يكون هناك إتفاق سابق بين الفاعل و الشريك على إرتكاب الجريمة بل يكفى أن يكون الشريك عالماً بإرتكاب الفاعل الجريمة و أن يساعده فى الأعمال المجهزة أو المسهلة أو المتممة لإرتكابها .
( الطعن رقم 247 سنة 22 ق ، جلسة 1952/4/8 )
لا يكفى فى إسناد الاشتراك بالمساعدة المعاقب عليه قانوناً تعاصر فعل الفاعل مع ما وقع من غيره ، بل لابد أن يكون لدى الشريك نية التدخل مع الفاعل تدخلا مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله و يتحقق فيه معنى تسهيل إرتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطاً لعقاب الشريك .
( الطعن رقم 828 لسنة 25 ق ، جلسة 1955/12/26 )
المستفاد من مطالعة نصوص القانون العامة فى الإشتراك ” المواد 40 ، 41 ، 43 من قانون العقوبات ” أنها تتضمن أن قصد الإشتراك يجب أن ينصب على جريمة أو جرائم معينة ، فإذا لم يثبت الإشتراك فى جريمة معينة أو فى فعل معين فلا تعتبر الجريمة التى إرتكبها الفاعل نتيجة مباشرة للإشتراك لأنه لم يقع عليها . و لما كان ما أورده الحكم المطعون فيه قاصراً فى التدليل على أن الطاعن الثالث كان يعلم علماً يقينياً بما إنتواه المتهمان الأولان من إرتكاب جريمة السرقة ، و أنه قصد إلى الإشتراك فى هذه الجريمة و هو عالم بها و بظروفها و ساعدهما فى الأعمال المجهزة و المسهلة لإرتكابها بأن أمدهما بسيارة لتنفيذ الغرض الإجرامى الذى دبره معهما . فإن الحكم يكون قاصر البيان بما يستوجب نقضه .
( الطعن رقم 42 لسنة 33 ق ، جلسة 1963/6/25 )
المساهمة الجنائية تتحقق من الشريك بإحدى الصور التى نص عليها القانون فى المادة 40 من قانون العقوبات و هى التحريض و الإتفاق و المساعدة .
( الطعن رقم 969 لسنة 33 ق ، جلسة 1964/1/6 )
للمحكمة أن تعتبر المتهمين فاعلين أصليين فى الضرب الذى أحدث الوفاة و لو كانت بعض الضربات لم تؤثر فى القتل متى ثبت أن الضربات التى نشأت عنها الوفاة كانت أزيد من عدد الضاربين .
( الطعن رقم 899 لسنة 2 ق ، جلسة 1931/12/14 )
إذا أقامت النيابة الدعوى العمومية على متهمين بأنهم مع غيرهم ضربوا المجنى عليه و لم يقصدوا قتله و لكن الضرب أفضى إلى موته ، ثم بين الحكم أن الذى ثبت للمحكمة هو أن الذين ضربوا المجنى عليه هم هؤلاء المتهمون ، و أنهم أحدثوا به الإصابات العديدة التى أثبتها الكشف الطبى و من بينها الضربة الواحدة التى أفضت إلى موته ، و أنه لم يعرف بطريقة قاطعة من هؤلاء المتهمين هو الذى أحدثها فأعفتهم من مسئولية الضرب الذى سبب الوفاة و أخذتهم بالقدر المتيقن من الضرب الذى وقع منهم فحكمت عليهم بأقصى العقوبة المبينة بالمادة 205 من قانون العقوبات و بإلزامهم بأن يدفعوا لورثة المجنى عليه تعويضاً ، فالذى يفهم من ذلك أن المحكمة إعتبرت الضربة التى أحدثت الوفاة شائعة بين المتهمين و أنها لاحظت أن هذه الضربة كانت إحدى نتائج فعل حصل منهم جميعاً و هو الإيذاء الذى إتحدت إرادتهم على إيقاعه بالمجنى عليه فقضت عليهم بالتعويض عن الضرر المترتب على الوفاة التى كانت نتيجة لهذا الإيذاء . و هذا الذى فعلته المحكمة صواب فإنه إذا كان لم يتيسر مؤاخذة المتهمين بالمادة 200 من قانون العقوبات فإنه لا مانع من إعتبارهم مسئولين مدنياً بطريق التضامن عن الضرر طبقاً للمادتين 150 و 151 من القانون المدنى .
( الطعن رقم 1280 لسنة 5 ق ، جلسة 1935/12/23 )
إن توافر ظرف سبق الإصرار لدى متهمين عدة فى جريمة يجعل كلاً منهم مسئولاً عن فعل الآخر فيها . فإذا أدانت المحكمة المتهمين فى جريمة ضرب أفضى إلى الموت ، على الرغم من عدم تعيين من أحدث منهم الإصابة المميتة ، فلا مخالفة فى ذلك للقانون متى كان الثابت بالحكم أن الجريمة وقعت بناء على إصرار سابق بين المتهمين .
( الطعن رقم 1209 لسنة 7 ق ، جلسة 1937/5/10 )
إن إستعانة شخص بآخر أو بآخرين على تأييد أقواله و إدعاءاته المكذوبة للإستيلاء على مال الغير يرفع كذبه إلى مصاف الطرق الإحتيالية الواجب تحققها فى جريمة النصب . فإذا أيد شخصان كل منهما الآخر فى أنه قادر على رد الأشياء المسروقة ، و أكد كل منهما صحة مزاعم الأخر فى القدرة على إعادة هذه الأشياء لصاحبها ، فإن هذا التوكيد و ذلك التأييد يعتبران من قبيل الأعمال الخارجية التى تساعد على حمل المجنى عليه على تصديق الشخصين فيما يزعمانه من الإدعاءات ، و بهذه الأعمال الخارجية يرقى الكذب إلى مرتبة الطرق الإحتيالية التى تقوم عليها الجريمة . و لا يغير من هذا النظر أن يكون الشخصان فاعلين أصليين فى النصب أو يكون أحدهما فاعلاً و الآخر شريكاً أو أحدهما فاعلاً و الآخر حسن النية ، إلا أنه يشترط دائماً لوقوع الجريمة بهذه الطريقة أن يكون الشخص الآخر قد تداخل بسعى الجانى و تدبيره و إرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو إتفاق ، كما يشترط كذلك أن يكون تأييد الشخص الآخر ، فى الظاهر ، لأدعاءات الفاعل تأييداً صادراً عن شخصه هو لا مجرد ترديد لأكاذيب الفاعل . فلذلك يجب أن يعنى الحكم ببيان واقعة النصب ، و ذكر ما صدر عن كل من المتهمين فيها من قول أو فعل فى حضرة المجنى عليه مما حمله على التسليم فى ماله ، فإذا هو قصر عن هذا البيان كان فى ذلك تفويت على محكمة النقض و الإبرام لحقها فى مراقبة تطبيق القانون على الواقعة الثابتة بالحكم ، و يتعين لذلك نقضه .
( الطعن رقم 261 لسنة 8 ق ، جلسة 1938/3/14 )
إن القانون إذ نص فى المادة 196 عقوبات على عقاب المستوردين و الطابعين ، ثم البائعين و الموزعين و الملصقين ، ما لم يظهر من ظروف الدعوى أنه لم يكن فى وسعهم معرفة مشتملات الكتابة و الرسوم و غيرها مما إستعمل فى إرتكاب الجريمة إذا كانت الكتابة و نحوها قد نشرت فى الخارج  أو كان غير ممكن معرفة مرتكب الجريمة ، فإن نصه هذا محله فقط – حسبما هو واضح – معاقبة واحد أو أكثر من هؤلاء على أساس إعتباره فاعلاً أصلياً فى الجريمة . و لا علاقة له بعقاب من منهم – كائنة ما كانت مرتبته – يكون قد ساهم فى الجريمة بإرتكابه الفعل الذى إتخذ منه وصفه مستورداً أو طابعاً أو موزعاً أو ملصقاً  متى كان عالماً بما حوت الورقة التى تحمل الجريمة ، فإن ما يقع منه على هذا النحو مستوجب لعقابه لا على أساس أنه فاعل أصلى بل على أساس أنه شريك بطريق المساعدة فى الجريمة التى قصد إليها و التى وقعت بناء على فعله .
( الطعن رقم 357 لسنة 10 ق ، جلسة 1940/2/26 )
متى كان المتهمون فى جريمة قد ساهم كل منهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها فذلك يكفى لإعتباره فاعلاً أصلياً . و إذن فإذا كان المتهمون فى سرقة قد قام بعضهم بتلهية سكان المنزل ، و بعضهم بدخوله و الإستيلاء على المسروقات ، و تمت الجريمة بناء على ذلك ، فإنهم جميعاً يكونون فاعلين أصليين .
( الطعن رقم 161 لسنة 12 ق ، جلسة 1941/12/22 )
متى كانت حوادث السرقة محل الدعوى إرتكبت من عدة متهمين على مجنى عليهم متعددين فى أوقات مختلفة و أماكن مختلفة ، و كان ما أسند إلى كل من المتهمين فى جريمة الإخفاء هو أنه إشترى بعض المسروقات من بعض المتهمين بالسرقة ، فإنه إذا كان لا يصح أن يسأل أى من أولئك عن فعل غيره ما دام لم يكن على إتفاق معه ، يكون من الواجب على المحكمة ، و هى تبحث مسئولية المتهمين بالإخفاء ، أن تحقق موقف كل منهم واحداً واحداً ، فتبين فى حكمها الشىء المسروق الذى أخفاه و الدليل على علمه بسرقته ، فإذا هى لم تفعل بل إعتبرتهم جملة مخفين للمسروقات ، و إستدلت على علمهم بالسرقة بدليل عام مجهل لا يعرف إذا كان يصدق عليهم جميعاً أو لا يصدق إلا على بعضهم فقط ، فإنها تكون قد أخطأت بتقصيرها فى بيان الأسباب التى أقامت عليها الإدانة .
( الطعن رقم 484 لسنة 15 ق ، جلسة 1945/2/12 )
إنه لا جدال فى أن الإشتراك فى الجريمة لا يتكون إلا من أعمال إيجابية و لا ينتج أبداً عن أعمال سلبية ، كما لا جدال فى أن أعمال التحريض و الإتفاق لا تكون الإشتراك المعاقب عليه إلا إذا كانت سابقة على تنفيذ الجريمة ، و أن أعمال المساعدة لا تعد إشتراكاً إلا إذا كانت سابقة أو معاصرة للجريمة ، و إذن فلا إشتراك بأعمال لاحقه للجريمة . إلا مما تجدر ملاحظته أن الإشتراك بالإتفاق إنما يتكون من إتحاد نية أطرافه على إرتكاب الفعل المتفق عليه ، و هذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس و لا يظهر بعلامات خارجية ، كما أن الإشتراك بالتحريض قد لا يكون له مظهر خارجى يدل عليه . و إذ كان القاضى الجنائى ، فيما عدا الحالات الإستثنائية التى قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة ، حراً فى أن يستمد عقيدته من أى مصدر شاء فإن له ، إذا لم يقم على الإشتراك دليل مباشر من إعتراف أو شهادة شهود أو ما شاكل ذلك ، أن يستدل عليه بطريق الإستنتاج من القرائن التى تقوم لديه ، كما له أن يستنتج حصول التحريض أو الإتفاق أو المساعدة على الجريمة من أعمال لاحقة لها .
( الطعن رقم 1096 لسنة 15 ق ، جلسة 1945/5/28 )
لا يلزم لتوافر التحريض على الجريمة قانوناً أن يكون للمحرض سلطة على المحرض تجعله يخصع لأوامره . بل يكفى أن يصدر من المحرض من الأفعال أو الأقوال ما يهيج شعور الفاعل فيدفعه للإجرام .
( الطعن رقم 1453 لسنة 46 ق ، جلسة 1929/5/16 )
إذا تعدد المتهمون و تعددت الجرائم الثابتة عليهم و ثبت سبق إصرارهم عليها و كان فعل كل جريمة منها لا يمكن تصور وقوعه إلا من فاعل بعينه و لم يعرف الفاعل الأصلى لكل جريمة فلا تصح نسبة الفعل الأصلى لكل واحد من هؤلاء المتهمين ، لأن هذه النسبة تكون مشكوكاً فيها ، و المشكوك فيه لا يصح إعتباره أساساً للحكم . و إنما يجب إعتبار المتهمين جميعاً شركاء بالإتفاق فى كل من هذه الجرائم ما دام الإشتراك هو القدر المتيقن فى حق كل منهم . و لا مانع فى القانون يمنع من عقاب الشريك إذا كان الفاعل الأصلى مجهولاً كما لا مانع عقلياً و لا قانونياً يمنع من إعتبار الشخص شريكاً فقط متى وقع الشك فى نسبة الفعل له و كانت عناصر الإشتراك متوفرة فى حقه توافراً لا شك فيه .
( الطعن رقم 1847 لسنة 47 ق ، جلسة 1930/11/27 )
كان المتهمون فى هذه القضية ثلاثة و قد أثبتت محكمة الموضوع قيام نية القتل عند ثلاثتهم و كذلك سبق إصرارهم و إجتماعهم لهذا الغرض ، كما أثبتت أن كلاً من الأول و الثانى أطلق عياراً نارياً و أن أحد العيارين أصاب الرأس و نشأت عنه الوفاة و ثانيهما أصاب الكتف ، ثم ذكرت المحكمة أن هذا يجعل المتهمين الثلاثة فاعلين أصليين و طبقت عليهم المواد 194 و 45 و 46 عقوبات و عاقبتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة بعد أن طبقت المادة 17 عقوبات و إستعملت المادة 32 بالنسبة للثالث . و قد قالت محكمة النقض إن هذا الحكم مخالف للقانون لأن الثابت فيه أن المتهم الثالث لم يطلق عياراً نارياً ففى غير الإمكان إعتباره فاعلاً أصلياً فى جريمة القتل لأنه لم يرتكب هو الفعل الذى تنفذ به القتل مادياً ، و ليس هذ الفعل و هو إطلاق العيار النارى مما يحتمل عادة أن يرتكبه غير شخص واحد إرتكاباً مادياً ، فشروط قيام الفعل الأصلى بحسب المادة 39ع غير متوفر شئ منها بالنسبة له و لا يمكن إعتباره إلا شريكاً فقط و تكون عقوبته الأشغال الشاقة المؤبدة . و لكن بما أن هذا المتهم الثالث قد إرتكب جريمة أخرى هى الشروع فى قتل آخر و عقابه عليها هو الأشغال الشاقة المؤبدة كذلك ، و بما أن محكمة الموضوع طبقت عليه المادة 17 عقوبات فكان يجب أن تكون عقوبته فى كل من جريمتى الإشتراك فى القتل و الشروع فيه هى الأشغال الشاقة المؤقتة ، ثم بما أن محكمة الموضوع إستعملت معه أيضاً المادة 32 و كل من العقوبتين تساوى الأخرى فيجب أن توقع عليه إحداهما فقط ، و يكون إذن من المتعين بالنسبة لهذا المتهم تطبيق القانون على الإعتبار المتقدم الذكر و معاقبته بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة بدلاً من الأشغال الشاقة المؤبدة . أما بالنسبة للمتهمين الأول و الثانى فإنه يجب التمييز بين الفاعل الأصلى منهما و الشريك فى جريمة القتل ، و بما أن كلاً من المتهمين أطلق عياراً نارياً أصاب أحدهما الرأس و نشأت عنه الوفاة و أصاب ثانيهما الكتف ، و بما أنه لم يعرف صاحب العيار الذى نشأت عنه الوفاة فلا يصح إعتبارهما هما الإثنين فاعلين أصليين كما إعتبرتهما محكمة الموضوع ، لأن الفاعل الأصلى هو صاحب العيار القاتل و لم يعرف ، و حينئذ فيجب إعتبارهما شريكين لأن الإشتراك هو القدر المتيقن فى جانب كل منهما و تكون عقوبة كل منهما بحسب نص المادة 199 الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة ، و بتطبيق المادة 17 تكون عقوبتهما الأشغال الشاقة المؤقتة ، و لذلك يتعين نقض الحكم و تطبيق القانون على الإعتبار المتقدم الذكر و معاقبة كل من المتهمين الأول و الثانى بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة .
( الطعن رقم 1125 لسنة 48 ق ، جلسة 1931/4/5 )
إن الإشتراك بطريق الإتفاق إنما يكون بإتحاد نية أطرافه على إرتكاب الفعل المتفق عليه ، و هذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس و لا يظهر بعلامات خارجية ، فمن حق القاضى إذ لم يقم على الإشتراك دليل مباشر من إعتراف أو شهادة أن يستدل عليه بطريق الإستنتاج و القرائن التى تقوم لديه ، و لا حرج عليه أن يستنتج حصول الإشتراك من فعل لاحق للجريمة يشهد به و يسوغ قيامه .
( الطعن رقم 199 لسنة 39 ق ، جلسة 1969/5/19 )
1) من المقرر أن الخطأ فى الإسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت إليها .
2) من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود و سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه إقتناعها و أن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام إستخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل و المنطق و لها أصولها فى الأوراق .
3) من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية إقناعية فلمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفى و لو حملته أوراق رسمية ما دام يصح فى العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التى ثبتت لديها من باقى الأدلة القائمة فى الدعوى ، و من ثم فإن ما يثيره الطاعن بأن الحاوية سلمت لأمين المخزن و قفلها و أختامها سليمة و أنه لا يتصور تمكن الجناة من فتحها ثم إعادتها إلى الحالة التى كانت عليها من قبل و إن الثابت من محضرى الجرد و فض الأختام سلامة قفل و أختام الحاوية كل ذلك لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل و فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى و إستنباط معتقدها و هو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4) من المقرر أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال فى ذمة المتهم بإختلاسه حتى الحكم عليه ، و أن الرد فى جميع صوره لم يشرع للعقاب أو الزجر إنما قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة .
5) من المقرر أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص .
6) من المقرر أن حجية الشئ المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم و لا يمتد أثرها إليه لأسبابه إلا ما كان منها مكملاً للمنطوق .
7) لما كانت المادة 32 من قانون العقوبات إذ نصت فى فقرتها الأولى على أنه ” إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة وجب إعتبار الجريمة التى عقوبتها أشد و الحكم بعقوبتها دون غيرها ” فقد دلت بصريح عبارتها على أنه فى الحالة التى يكون فيها للفعل الواحد عدة أوصاف ، يجب إعتبار الجريمة التى تمخض عنها الوصف أو التكييف القانونى الأشد للفعل و الحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التى قد تتمخض عنها الأوصاف الأخف و التى لا قيام لها البته مع قيام الجريمة ذات الوصف الأشد إذ يعتبر الجانى كأن لم يرتكب غير هذه الجريمة الأخيرة ، و ذلك على خلاف حالة التعدد الحقيقى للجرائم المرتبطة بعضها ببعض بحيث لا تقبل التجزئة التى إختصت بها الفقرة التالية من المادة 32 سالفة الذكر ، إذ لا أثر لإستبعاد العقوبات الأصلية للجرائم الأخف فى وجوب الحكم بالعقوبات التكميلية المتعلقة بهذه الجرائم ضرورة أن العقوبة التكميلية إنما تتعلق بطبيعة الجريمة ذاتها لا بعقوبتها . لما كان ذلك ، و كان الفعل الذى قارفه الطاعن و باقى المحكوم عليهم بتداوله وصفان قانونيان ، إختلاس بضائع مملوكه لإحدى وحدات القطاع العام ، و تهريب هذه البضائع بإدخالها إلى البلاد و تعمد إخفائها بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة عليها ، إذ أن فعل إختلاس المتهمين لهذه البضائع يتحقق به الركن المادى لكل من جريمتى الإختلاس المؤثمة بالمادة 112 من قانون العقوبات و تهريبها المؤثمة بالمادة 121 من قانون الجمارك ، و هو ما يقتضى إعمال نص الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات و الإعتداد فحسب بالجريمة ذات العقوبة الأشد – و فى جريمة الإختلاس و الحكم بالعقوبة المقررة لها بموجب المادتين 112 ، 118 من قانون العقوبات ، دون العقوبات المقررة لجريمة التهريب الجمركى بموجب المادة 122 من قانون الجمارك المار ذكره – أصليه كانت أم تكميلية ، فإن الحكم المطعون فيه و قد خالف هذا النظر و أوقع على المحكوم عليهم بالإضافة إلى العقوبة الأصلية المقررة لجريمتى الإختلاس و الإشتراك فيه ، العقوبة التكملية المقررة لجريمة التهريب الجمركى فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يوجب تصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة تكميلية و ذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات و إجراءات الطعن أمام محكمة النقض التى تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذ تبين لها مما هو ثابت فيه أنه مبنى على مخالفة القانون أو على خطأ فى تطبيقه أو فى تأويله .
8) من المقرر طبقاً لنص المادة 29 من قانون الإجراءات الجنائية أن لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة إليه دون أن يستجوبه تفصيلاً و أن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك إعترافه بالتهمة و يكون هذا المحضر عنصراً من عناصر الدعوى للمحكمة أن تستند إلى ما ورد به ما دام قد عرض مع باقى أوراق الدعوى ، على بساط البحث فى الجلسة و لها أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الإستدلالات من إعتراف ما دامت قد إطمأنت إليه .
9) من المقرر أن الإعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الإستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها و قيمتها فى الإثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة و لها سلطة مطلقة فى الأخذ بإعتراف المتهم فى حق نفسه و على غيره من المتهمين فى أى دور من أدوار التحقيق بما فى ذلك محضر الضبط متى إطمأنت إلى صدقه و مطابقته للحقيقة و الواقع .
10) من المقرر أنه لا صفة لغير من وقع فى حقه إجراء ما فى أن يدفع ببطلانه و لو كان يستفيد منه لأن تحقق المصلحة فى الدفع لاحق لوجود الصفة فيه ، و من ثم فإن ما ينعاه الطاعن من تناقض فى شأن بطلان محضر جمع الإستدلالات و ما تضمنه من إعترافات ، و أخذ الحكم بأقوال المتهمين الثانى و الرابع فى حقه رغم إطراحه أقواله و أقوال الطاعن بهذا المحضر يكون غير سديد و تنحل المجادلة فى هذا الشأن إلى جدل موضوعى فى سلطة محكمة الموضوع فى تقدير الأدلة مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .
11) من المقرر أن الإشتراك بالإتفاق إنما يتحقق من إتحاد نية أطرافه على إرتكاب الفعل المتفق عليه ، و هذه النية أمر داخلى لا يقع تحت الحواس و لا يظهر بعلامات خارجية ، و إذ كان القاضى الجنائى حراً فى أن يستمد عقيدته من أى مصدر شاء فإن له – إذا لم يقم على الإشتراك دليل مباشر من إعتراف أو شهادة شهود أو غيره – أن يستدل عليه بطريق الإستنتاج من القرائن التى تقوم لديه ما دام هذا الإستدلال سائغاً و له من ظروف الدعوى ما يبرره كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به .
12) إن الإتفاق على إرتكاب الجريمة لا يقتضى فى الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المشتركين فيه ، و لا يشترط لتوافره مضى وقت معين فمن الجائز عقلاً و قانوناً أن تقع الجريمة بعد الإتفاق عليها مباشرة .
13) لما كانت المادة 118 من قانون العقوبات قد نصت على إنه ” فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة فى المواد 112 إلى 116 يحكم على الجانى بالعزل …. ” و كان الطاعن قد دين بالإشتراك فى الجريمة المنصوص عليها فى المادة 112 من قانون العقوبات و عاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات أن تعامله بالرأفة و تقضى عليه بعقوبة الحبس و من ثم فقد تخلف شرط تطبيق المادة 27 من قانون العقوبات لتوقيت مدة العزل ، و يكون الحكم المطعون فيه إذ أوقع على الطاعن عقوبة العزل – دون توقيت مدته – قد طبق القانون تطبيقاً سليماً .
( الطعن رقم 506 لسنة 59 ق ، جلسة 1989/4/3 )
من المقرر أن مناط تحقق الإشتراك أن يثبت إقتراف الفعل المادى للمساهمة التبعية فى وقت سابق أو معاصر للجريمة ، و أن تقع هذه الجريمة ثمرة لهذا الإشتراك ، و هو ما لم يدلل عليه الحكم تدليلاً سائغاً . لما كان ما تقدم ، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد تعيب بالقصور فى التسبيب الذى يبطله و يوجب نقضه .
( الطعن رقم 644 لسنة 58 ق ، جلسة 1988/5/11 )
من المقرر أنه لا يشترط لتحقيق الإشتراك بطريق المساعدة المنصوص عليه فى الفقرة الثالثة من المادة 40 من قانون العقوبات أن يكون هناك إتفاق سابق بين الفاعل و الشريك على إرتكاب الجريمة ، بل يكفى أن يكون الشريك عالماً بإرتكاب الفاعل للجريمة و أن يساعده فى الأعمال المجهزه أو المسهلة أو المتممة لإرتكابها ، و كان ما أورده الحكم كافياً للتدليل على ثبوت الإشتراك بطريق المساعدة فى حق الطاعن الثانى مما تنتفى معه فى الحكم قالة القصور فى التسبيب و الخطأ فى تطبيق القانون .
( الطعن رقم 16071 لسنة 59 ق ، جلسة 1990/4/9 )

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مباديء أحكام محكمة النقض في قسمة المال الشائع

الواجبات الخاصة لعضو هيئة التدريس وفقا لأحكام قانون تنظيم الجامعات المصري

شروط صحة إجراءات الخصومة