أثر تغيب المعارض عن الحضور في المعارضة الجنائية :

د. عبد الفتاح الغوالبي


النص القانوني:-
كانت الفقرتان الثانية والثالثة من المادة 401 من قانون الاجراءات الجنائية المصري قبل تعديلها بالقانون رقم 174 لسنة 1998 تنص علي أنه {ومع ذلك إذا لم يحضر المعارض في اى من الجلسات المحددة لنظر الدعوة تعتبر المعارضة كأنها لم تكن وللمحكمة في هذه الحالة أن تأمر بالتنفيذ المؤقت ولو مع حصول الاستئناف بالنسبة للتعويضات المحكوم بها وذلك كل ما هو مقر بالمادة 467}.

غير أن المشرع رأي تعديل صياغة هاتين الفقرتين لتصبح علي النحو التالي { ومع ذلك إذا لم يحضر المعارض أي من الجلسات المحددة لنظر الدعوي تعتبر المعارضة كأنها لم تكن. ويجوز للمحكمة في هذه الحالة أن تحكم عليه بغرامة إجرائية لا تجاوز مائة جنيه في مواد الجنح ولا تجاوز عشرة جنيهات في مواد المخالفات. ولها أن تأمر بالنفاذ المؤقت ولو مع حصول الاستئناف بالنسبة للتعويضات المحكوم بها} وذلك حسب ما هو مقرر بالمادة 467.
ولا يقبل من المعارض بأي حال المعارضة في الحكم الصادر في غيبته وللمحكمة في هذه الحالة أن تحكم عليه بغرامة إجرائية لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائتي جنيه في مواد الجنح ولا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز عشرين جنيها في مواد المخالفات.[]

درء الحيلولة دون إساءة ممارسة الحق في الطعن بالمعارضة:-
أوضحت المذكرة الايضاحية للقانون رقم 174 لسنة 1998 أنه يراد بما استحدث في هذه الفقرة أي الفقرة الثانية من المادة 401- الحيلولة دون إساءة استعمال حق الطعن بالمعارضة وبالتقرير به دون متابعة الجلسات للفصل في الدعوى كما أن في الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن لغياب المعارض في أية جلسة وجواز تغريم المعارض في هذه الحالة ما يكفل جدية هذه الاجراءات ويحول دون أن يتخذ ترخيص القانون بالطعن في الأحكام سبيل لتعطيل الفصل في الدعوي.
وأجازت الفقرة التالية للمادة 401 تغريم المعارض إذا عارض في الحكم الصادر في غيبته- غرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تجاوز مائتي جنيه في مواد الجنح- ولا تقل عن عشرة جنيهات ولا تجاوز عشرين جنيها في مواد المخالفات- دراء للتسبب بغير حق في إطالة أمد التقاضى وتعطيل البحث في القضايا وإضاعة وقت وجهد المحاكم بغير حق أو سند من القانون.

جزاءات تترتب علي غياب المعارض:-
المشرع اتخذ من غياب المعارض أثناء نظر الطعن المتقدم منه قرينة علي إساءة ممارسة الحق في المعارضة ويدخر لذلك نوعين من الجزاءات.
1- اعتبار المعارضة كأن لم يكن.

2- غرامة مدنية علي النحو المشار إليه بالمادة 401 أ.ج وسنعرض لهذين الجزائين فيما يلي:

أولا: جزاء اعتبار المعارضة كأن لم تكن وشروطه:-
اعتبار المعارضة لم تكن يعن اعتبارها غير قائمة أصلا وبأثر رجعي فكأنها لم تقدم ابتداء إن حكم المعارضة كأن لم تكن لا يمكن صدوره إلا في الجلسة الأولي المحددة لنظر المعارضة ذلك لأن هذا الحكم هو من قبل الجزاء والأحكام الجزائية لا تحتمل التوسع في تفسير مداها وإذن فالمعارض الذي يتخلف عن حضور الجلسة الأولي رغم إعلانه بها إعلانا قانونيا هو وحده الذي يحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن. طالما كان تخلفه عن حضور تلك الجلسة حاصلا بغير عذر وبناء علي ذلك يشترط للحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن توافر الشروط الأتية:-

1- أن يكون المعارض قد أعلن بالجلسة المحددة لنظر المعارضة:-
لا يجوز الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن إلا إذا كان المعارض قد أعلن أعلانا صحيحا بالجلسة المحددة لنظر المعارضة فإذا كان الثابت أن الطاعن قرر بنفسه أو بوكيل عنه بالمعارضة وحددت الجلسة أمامه في تقرير المعارضة ووقع الطاعن علي ذات التقرير فإن لزوم ذلك أنه علم بالجلسة التي تحددت لنظر معارضته ومن ثم يعتبر ذلك إعلانا صحيحا بيوم الجلسة ولا ضرورة معه لاعلانه علي يد محضر أما إذا كانت الجلسة المحددة لنظر المعارضة قد أجلت إداريا أو حضر عنه محام في هذه الجلسة وقرر بأنه لم يحضر لمرضه فأجلت المحكمة القضية لجلسة أخري وجب إعلان المعارض بالحضور والاعلان الذي يعتد بة هو الحاصل لشخصي المعارض أو في موطنه علي الوجه المبين في قانون المرافعات. ولا يجوز بأي حال أن يكون الاعلان لجهة الإدارة أو في مواجهة النيابة العامة أو لجهة العمل ويبطل الحكم الذي يصدر في جلسة غير الجلسة المحددة لنظر الدعوي مادام المتهم لم يعلن بالجلسة الجديدة.

2- تغيب المعارض:-
يجب ألا يتخلف المعارض عن الحضور في أول جلسة تحددت  للفصل في معارضته رغم علمه بها. ويفهم الحضور في ضوء القواعد التي تحدد مدي التزام المعارض بالحضور شخصيا – كما في حالة المعارضة الاستئنافية - فإذا كان المعارض ملتزما بالحضور شخصيا فإنه يعتبر متغيبا حتي ولو أرسل وكيلا عنه ، أما إذا لم يكن ملتزما بذلك فيكفى حضور الوكيل لنظر المعارضة.
وللمسئول عن الحقوق المدنية أن يحضر دائما عن طريق وكيل ويلاحظ أن الحكم باعتبار المعارضة كأن لم تكن هو جزاء يجب ألا يصيب إلا المعارض المتخلف عن الجلسة الأولي للمعارضة لا المعارض الذي يحضر مرة أو أكثر ثم يتخلف بعد ذلك،  فاذا حضر المعارض هذه الجلسه ثم تغيب بعد ذلك فلا يجوز الحكم باعتبار معارضته كأنها لم تكن بل يتعين علي المحكمة أن تفصل في الموضوع.
بالنسبة للحضور الوجوبي إذا لم يحضر المعارض تعين الحكم باعتبار المعارضة كأن لم يكن أما بالنسبة للحضور الجوازي وكان المتهم قد أناب عنه وكيلا حضر جلسة المعارضة وطلب التأجيل لاستعداد فاجابته المحكمة إلي طلبه وأجلت نظر الدعوي إلي جلسة أخرى فإنها إذا قضت بعد ذلك باعتبار المعارضة كأن لم تكن علي أساس أن المتهم تخلف عن الحضور تكون قد أخطأت في تطبيق القانون بل يتعين عليها الفصل في الموضوع.

3- ألا يكون تغيب المعارض بسبب عذر قهري:-
لا يصح في القانون الحكم في المعارضة عن الحكم المعارض فيه باعتبارها كأن لم يكن إلا إذا كان تخلفه عن الحضور بالجلسة حاصلا بغير عذر فإذا كان هذا التخلف يرجع إلي عذر قهري حال دون حضور المعارض الجلسة التي صدر فيها الحكم في المعارضة فإن الحكم يكون غير صحيح لقيام المحاكمة علي اجراءات معينة من شأنها حرمان المعارض من استعمال حقه في الدفاع.

ويلاحظ أن القانون لا يوجب علي المعارض أن يوكل غيره في إبداء عذره في عدم الحضور أو يرسم طريقا معينا لابلاغ قاضيه بالعذر القائم لديه بل أن له أن يعرضه بأية طريقة تكفل إبلاغه إلي المحكمة  ولذلك يجوز أن يبلغ المعارض عذره إلي المحكمة عن طريق محام أو أي شخص أو عن طريق خطاب أو برقية.
وبناء علي ما تقدم فإذا ثبت أن تخلف المعارض عن الحضور يرجع إلي عذر قهري أي أنتفي تعمد عدم الحضور أو الاهمال فإنه يتعين تأجيل نظر الدعوي حتى حضور المعارض عند زوال المانع ولا يجوز اعتبار المعارضة كأن لم تكن وإلا كان الحكم باطلا
ومن الأعذار التي اعتد بها قضاء النقض المرض ولو لم يكن علي درجة من الجسامة بحيث تقعد الانسان ما دامت تخشي عاقبة الاهمال فيه وكذلك وجود المعارض في السجن أو في المستشفي أو حجزه في بلده بسبب انتشار وباء واضطراره إلي السفر لتشيع جنازة أحد الأقارب وحضور جلسه لدي جهة قضاء أخري أو إدراج إسمه في زوار الجلسة مغاير الاسمي الحقيقي أو تغيير مقر المحكمة إلي مكان أخر.

تقدير العذر المانع من الحضور :
تقدير العذر المانع من الحضور مرجعه الى محكمة الموضوع فإذا قدم المعارض عذره بأى طريقة كان لازما على المحكمة بأن تقوم كلمتها فى شأنها بالقبول أو الرفض وفى إغفال الحكم المشار الى ذلك مساس بحق الدفاع بعينه الا أنه ينبغى اذا ما رفضت المحكمة الطلب وقضت لاعتبار المهارضة  كأن لم تكن أن تبين اسباب الرفض والا اعتبر ذلك اخلالا من جانبها بحق الدفاع  فالشهادة المرضية لا تخرج من كونها دليلا من أدلة الدعوة تخضع لتقدير المحكمة .

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجبات الخاصة لعضو هيئة التدريس وفقا لأحكام قانون تنظيم الجامعات المصري

مباديء أحكام محكمة النقض في قسمة المال الشائع

شروط صحة إجراءات الخصومة