اختيار المحكمين في التشريع المصري

د. عبد الفتاح الغوالبي

 

 طبقا لنص المادة 15 من قانون التحكيم المصري :

1- فإن هيئة التحكيم تشكل باتفاق الطرفين من محكمة واحد أو أكثر ، فإذا لم يتفقا على عدد المحكمين كان العدد ثلاثة .

2- إذا تعدد المحكمون وجب أن يكون عددهم وترا ، وإلا كان التحكيم باطلا والمحكم ليس طرفا في خصومة التحكيم ، وإنما هو شخص يتمتع بثقة الخصوم واتجهت إرادتهم الى منحه سلطة الفصل فيما شجر بينهم بحكم شأنه شأن أحكام القضاء يحوز حجية الشئ المحكوم به بمجرد صدوره .

والمحكم هو الشخص الذي يعهد إليه - بمقتضى الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل بفض نزاع بين طرفين أو أكثر ويكون له نظر النزاع والاشتراك في المداولة بصوت معدود ، وفي إصدار الحكم والتوقيع عليه . (نقض مدني ، مجموعة المكتب الفني ، الطعن رقم 1640 لسنة 54ق ع السنة 29 ص243) ويشترط فيه كمال الأهلية ، وأن يكون غير محجور عليه أو محروما من حقوقه المدنية بسبب الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو بسبب شهر إفلاسه ما لم يرد إليه اعتباره ، وهو لا يمنع بسبب جنسيته من العمل كمحكم ما لم يتفق طرفا التحكيم أو ينص القانون على غير ذلك ، ولكن إذا قبل القيام بممارسة التحكيم ، يجب أن يدعم هذا القبول بالكتابة وأن يفصح عن قبوله عن أى ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته (م16 من قانون التحكيم الحالية) .

والأصل أن لطرفى التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم ، فإذا لم يتم هذا الاتفاق أصلا أو شابه بعض العيوب ، أو امتنع أحد الأطراف عن المشاركة في تعيين المحكم أو تعذر تشكيل هيئة التحكيم بسبب عراقيل تضعها المحاكم أو القوانين في دولة مقر التحكيم المختارة .... الخ ، هنا لا مفر من الرجوع الى حظيرة الجهات القضائية الوطنية تحاشيا لإنكار العدالة ، هذا ما لم ينص الاتفاق على إجراءات التعيين أو على وسيلة أخرى لضمان التعيين . هذا ما أخذ به القانون النموذجي للتحكيم الدولي م11/4 ، وكذلك القانون السويسري في المادة 7 من القانون الدولي الخاص ، وهو المنصوص عليه في المادة 17/2 من قانون التحكيم المصري الجديد رقم 27 لسنة 1994 والتي نصت على أنه " إذا خالف أحد الأطراف إجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفق المحكمان المعنيان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه ، أو إذا تخلف الغير عن أداء ما عهد به إليه في هذا الشأن ، تولت المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون بناء على طلب أحد الطرفين ، القيام بالإجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لإتمام هذا الإجراء أو العمل . (

ويتم اختيار المحكمين من قبل الأطراف مباشرة ، ويقوم هذا الاختيار على أساس النزاهة والثقة وعدم إفشاء الأسرار وهذه الاعتبارات لا يستطيع تقديرها إلا أصحاب الشأن أنفسهم ومن هنا كان حق ثابت في اختيار هيئة التحكيم ، والخصوم غير ملزمين بأن يتم الاختيار في اتفاق التحكيم لهيئة التحكيم ، وبالتالي فعدم تعيين المحكم في اتفاق التحكيم لا يؤدي الى بطلانه ، أو عدم صحته ، كما أن للأطراف حرية تحديد كيفية الاختيار ووقته ، وقد أجازت المادة 1448/2 من قانون المرافعات الفرنسي الجديد للخصوم تعيين المحكمين بأسمائهم أو الاكتفاء ببيان الطريقة التي على أساسها يتم تعيينهم وإلا كان المشارطة باطلة . .

اختيار هيئة التحكيم قد يتم في اتفاق التحكيم ذاته أو في اتفاق لاحق . كما أن الاختيار ليس لازما لوجود أو صحة أو فعالية اتفاق التحكيم ذاته ما لم تتجه إرادة المتعاقدين الى غير ذلك ، ويجوز تفويض الوكيل بالتحكيم في اختيار المحكم ، وإذا ما تم اختيار المحكم بصفته فيجب أن تكون هذه الصفة قاطعة الدلالة على شخص المحكم

كأن يكون نقيب المحامين الحالي ، نقيب المهندسين الحالي ، أما إذا توافرت الصفة في أكثر من شخص كأن يكون مهندس زراعي ، طبيب محاسب ، محامي فإن ذلك يؤدي إلى البطلان . .

وإذا تعدد أطراف هيئة التحكيم في حدود ما يسمح به القانون فكل طرف يختار محكمة والاثنان الذين تم اختيارهما يختاران الثالث ، ويرى البعض أن ذلك يتضمن توكيل صادر من كل طرف في اتفاق التحكيم ، لمحكمة في اختيار المحكم المرجح كما يجوز تخويل شخص معين باسمه أو بصفته في اختيار المحكم المرجح .

والاتفاق على التحكيم بواسطة هيئة وعينة ووفقا لنظم ولوائح هذه الأخيرة فيتم اختيار المحكمة وفقا لهذه اللوائح إذا كانت تنظم اختيار المحكمين أو تحدد وسيلة اختياره ، وهنا يكون الخصوم قد أنفقوا ضمنا على تعيين المحكمة حسب قواعد هذه الهيئة ، وعند رفض المحكم المختار من قبل هذه الهيئة مباشرة مهمة التحكيم ، أو قام مانع يحول دون قيامه بذلك فإنه يجب إعمال قواعد الهيئة فيما يتعلق باختيار من يحل محله .

وقد قضت محكمة النقض بأن "يجب أن يكون عدد المحكمين ......... وتراً ........ ومخالفته موجبة للبطلان ولا يزيله حضور الخصوم أمام المحكمين الذين لم تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها " (نقض ، الطعن رقم 88 لسنة 3ق جلسة 20/12/1934 مجموعة الأحكام في 25 عام ج1 ق4 ص397)

وبأنه " وحيث أن حاصل النعى بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون لأنه يجب أن يكون عدد المحكميت وتراً وإلا كان التحكيم باطلاً ، والثابت أن عدد المحكمين المعينين خمسة في حين أن من وقع على الحكم أربعة . الأمر الذي يستفاد منه أن الحكم الخامس لم يشترك في المداولة وإصدار الحكم مما يبطل هذا الحكم ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، واقام قضاؤه على أن من وقع حكم المحكمين أربعة وأنه بهذا يكون صحيحاً لكونهم يمثلون الأغلبية فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون . وحيث أن هذا النعى مردود ذلك أنه لما كان القانون قد أوجب أن يكون عدد المحكمين وتراً ، وكان الثابت من حكم المحكمين أنهم خمسة وأنهم اجتمعوا جميعاً وأصدروا الحكم ..... وكان الأصل في الإجراءات أنها قد روعيت وعلى من يدعى أنها قد خولفت إقامة الدليل على ما يدعيه . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يقدم الدليل على أن المحكمين الذين اشتركوا في المداولة وإصدار الحكم لم يكن عددهم وتراً وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بالرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله فإن النعى يكون على غير أساس" (نقض ، الطعن رقم 1083 لسنة 52ق جلسة 6/2/1986)

 

 

  

ا

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الواجبات الخاصة لعضو هيئة التدريس وفقا لأحكام قانون تنظيم الجامعات المصري

مباديء أحكام محكمة النقض في قسمة المال الشائع

شروط صحة إجراءات الخصومة